














| | |
| حينما قررت اصدار الجزء الأول من مذكراتي حول العالم . تداعت في خيالي آلاف الأفكار والتساؤلات. هل أغامر بطرق باب الحقيقة والى أي حد أستطيع.. وماهي الآثار القريبة والبعيدة على الأشخاص والأوضاع التي تتشابك خيوطها وسط دائرة الأحداث المستمرة ، والوقائع الصاخبة التي شهدتها عيوني في مختلف مناطق ومدن وعواصم بلدان العالم . ان مسيرتي الأنسانية من مدينة القنيطرة الشهيدة الحية في سورية الى مدينة هيروشيما اليابانية لم تكن تهدف يوماً لتحقيق غاية سياسية أو أيديولوجية أو مذهبية. ولكنها بفعل المؤثرات الكونية ، وعوامل الطبيعة البشرية ، وضخامة الأحداث السياسية ، والصراعات والحروب والفتن والأحقاد الدينية والتاريخية وغيرها وجدت نفسها في موقف المدافع عن حق الانسان والطفل بشكل خاص في كل بقعة جغرافية متجاوزة كل حدود لازالت تفصل بين البشر. وكان أبرز التساؤلات حدة في ذاكرتي هل يسمح الواقع العالمي المعاصر وفق مايسمى ( بالنظام الدولي الجديد) بالتعبير عن الحقيقة في وقت سحقت فيه ارادة مئات الملايين من شعوب العالم المعارضين للحروب العالمية الجديدة في منطقتنا العربية ، والتي اندلعت بوجه اقتصادي متأزم ومكياج عسكري سينمائي متعدد الألوان ، وعهر سياسي متأصل ، واستراتيجية الجريمة المنظمة كمقدمة للتعريف بهذا النظام الدولي . الأعمى سياسياً ، والآعرج قانونياً ، والفاقد لاتزانه أخلاقياً . حيث امتلأت السجون والمعتقلات بأصحاب الرأي والضمير ، وتم ترحيل العقل والمعارف والعلوم إلى جنون غربة لاوجود للحكمة فيها ، وتوحدت وسائل الاعلام في قيودها ، ومصانع السلاح في صخب أعيادها ، والبنوك الدولية في تضخم أرباحها ، وأشكال المصالح في متانة جسورها ، والمنابر الديمقراطية في بحة صوتها ، والدول الصناعية الكبرى الحريصة على تفسير القانون والشرعية الدولية على هواها . هل سيخرج ذلك الجزء من مذكراتي سليماً من مقص الرقابة والتي أبدعت في فن تدمير ساحة الفكر الأنساني والمبادرات الثقافية المعادية لتهجير الانسان عن إنسانيته . في وقت فضحت فيه ممارسات وتناقضات الحكومة السرية العالمية التي تتحكم بمقدرات وثروات ومصائر الأمم والشعوب ، كل مايمكن أن يستر عورات أكثرية الزعماء في الشرق أو الغرب والتابعين لهم من البلدان النامية والمستضعفة . الذين جمعتهم لغة الولاء المطلق لما رسم في ظلام التاريخ من مخططات جهنمية تنفذ مراحلها بدقة أسطورية تجعل من تغييب الرأي العام العالمي وتوجيه التاريخ خطاً أحمر لايجوز تجاوزه . هل تسمح مصالح تلك الحكومة الخفية بمنح الفرصة لكاتب تجرأ على تجاوز نفسه وخرج لمواجهة هموم الآخرين ، وأطلق صرخة انسانية يحمل طموحها الجراح . في عصر أصبحت فيه القيم والقضايا الانسانية والأخلاقية لعبة دولية لها قواعدها ونظمها ومناهجها في العلاقات العامة ومحورها وسائل الاعلام والمنابر الانتخابية والطموح السياسي للأفراد والهيئات والدول ، والتفسير التضليلي للأتفاقيات والقرارات والقوانين الدولية حيث سادت المجاعات والأمراض والأوبئة ، ومورست أبشع جرائم الابادة للجنس البشري وشتى أنواع الحصار والتجويع . والأضطهاد والتآمر ، والتشويه المنظم للتراث الانساني ، وحيث تطورت وسائل وتقنيات الارهاب العرقي وانعدمت روح المسؤولية التضامنية بين الناس وانتشرت المصالح المادية والمعنوية للأفراد والجماعات ، وصار للحقيقة ألف ثوب ولون وشكل . وكأن ذلك تعبيراً عن حالة صراع بين قوة الله وعقل الانسان وغرور جبروته . حيث انشطرت الأسرة الانسانية الكبيرة في ربوع الكرة الارضية الواحدة الى شطرين: منهم من ينتظرون الخلاص بالايمان العميق بقدرة الله على نصرة الحق على الباطل ، والخير على الشر ، والعدالة على الظلم ، والحرية على القهر ، والسلام على الحرب. وقد ذاغ الآخرون خلف ستار مبهم الشكل والتسمية والتاريخ ، ولكن عنوانه الواضح يبين لنا أن ( القوة هي خلاصة الحقيقة في هذا الكون الفسيح) وأن صنعها من اختصاص الحكومات الديمقراطية الاسم . الأقتصادية الشكل . الديكتاتورية الفعل ، ولتبقى الشعوب حسب قاموس العصر مجرد قطع وأرقام وأدوات ومنتجات في رقعة مسرح دولي كبير ، وسوق اقتصادي عظيم انتحر فيهما ضمير الانسان أو مال للنوم الأبدي تحرسه أجهزة المخابرات التي لاصلة لها بسكان بيوت الله . إلا في المناسبات والمواسم الأمنية . في ظل هذا الواقع الكوني المحير بظلمه وظلامه ، والذي دفنت فيه المبادىء الأخلاقية ، والعدالة الأنسانية ، وأحلام الناس المستضعفين في كل مكان . تحت أحذية صانعي أدوات تدمير التاريخ والأرض والانسان . كان علي أن أعبر آلاف المسافات سيراً على الأقدام في رياح العالم الأربع ، وأتجاوز كل المقاييس ، وأتخلص من كل الخرائط الملونة في التوجيه الانساني . لأصل اليك عزيزي القارىء بسلام . فان لم أستطع . فالتفاؤل سيبقى رفيق دربي لأنني من المؤمنين بتواصل الرسالة الحضارية من جيل الى جيل. هذا ماتعلمته منذ الصغر في اطار المربع الجغرافي الذي يسمونه مجتمع مدينة حلب الشهباء في سورية العروبة والمجد والتاريخ ، وهذا ماسيكون رغم أنف كل رقيب اقليمي أو دولي وكل صانع سلاح تقليدي أو نووي .
| |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق