الاثنين، 30 مارس 2009

الرئيس الأسد أمام قمة الدوحة: العالم لا يحترم إلا من يحترم نفسه ولا يعطي موقعاً إلا لمن يأخذه بيده والسلام لن يتحقق مع عدو لا يؤمن به إلا إذا فرض عليه

30 آذار , 2009

الدوحة-سانا

ألقى السيد الرئيس بشار الأسد رئيس القمة العربية العشرين كلمة بافتتاح أعمال القمة العادية الحادية والعشرين في العاصمة القطرية الدوحة توجه في مستهلها بالتحية والتقدير إلى دولة قطر والشعب القطري الشقيق على استضافة القمة العربية وبالشكر والاحترام إلى سمو الأمير حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر على جهوده في تهيئة الأجواء الطيبة لانعقادها.

احتكار عدد محدود من الدول للقرارات أفضى لنتائج كارثية أصابت العالم برمته

وقال الرئيس الأسد: لقد كانت الفترة الفاصلة بين قمة دمشق وقمتنا اليوم مليئة بالأحداث النوعية سواء على مستوى المنطقة أو العالم وإذا كانت صفة الخطورة والسلبية قد طغت على تلك الأحداث فإنها لم تخل من إيجابيات محدودة قد تعطي بعض الأمل بتغير للأفضل وبالرغم من تنوعها الكبير فإن ما جمع بينها هو حالة العجز الدولي عن معالجة أسبابها وتداعياتها التي خرجت عن حدود السيطرة ولم تعد تستثني دولة غنية كانت أم فقيرة نامية أم متقدمة وما نسميه عجزاً دولياً ليس في الواقع سوى احتكار دولي من قبل عدد محدود من الدول للقرارات المتعلقة بالسياسة والاقتصاد والتقنيات وغيرها على مستوى العالم والذي أفضى إلى نتائج كارثية أصابت العالم برمته. 20090330-161914.jpg

وأضاف الرئيس الأسد.. وإذا كنا كدول عربية سندفع الثمن الذي يدفعه بقية العالم اليوم كنتيجة لاقتصاد عالمي يتدهور يضاف للثمن الذي ندفعه كضريبة للخلل السياسي المزمن في العالم وفي منطقتنا فإن هذا الاحتكار الدولي الذي شكل باباً موصداً في وجه أي مشاركة من قبل الدول الأخرى وشعوبها والذي دخل منذ سنوات قليلة في طور التآكل قد أوصل العالم اليوم إلى أزمة قد تشكل بالنسبة لنا على الرغم من قسوتها فرصة وباباً مفتوحاً نتشارك من خلاله مع الآخرين في عملية البحث عن أسس لنظام عالمي جديد يحقق العدالة بين الشعوب ليس من خلال البحث الأكاديمي عن نظريات جديدة نطبقها بل من خلال إثبات موقعنا ورسم مستقبلنا بإرادتنا هذه المرة وليس بإرادة الآخرين.

وقال الرئيس الأسد إن عملية التغيير الشاملة التي تحصل الآن تشبه إلى حد كبير عملية إعادة صياغة العالم منتصف القرن الماضي عندما توسلنا الآخرين حقوقاً كانت بأيدينا سلمناهم إياها ليعيدوها لنا فتجاهلوها ولا يزالون وبما أننا لا نسعى لتكرار الأخطاء فعلينا أن ندرك أن العالم لا يحترم إلا من يحترم نفسه ولا يعطي موقعاً إلا لمن يأخذه بيده ولا يعيد حقاً إلا لمن يعمل على إعادة حقوقه ويتمسك بها ويدافع عنها ويقاتل من أجلها حينذاك يعني أننا في بداية الطريق الصحيح باتجاه المستقبل وتتمة هذا الطريق تكون بامتلاك الإرادة والحماس ومن ثم تحقيق التفاهم وتكريس التضامن والذي كان عنواناً لقمة دمشق والذي عملنا من أجل تحقيقه بجد ودون كلل مباشرة وبعد تلك القمة مع عدد من القادة والمسؤولين العرب الذين عملوا بصمت وهدوء إلى أن وصلنا إلى ما تحقق من مصالحات ولقاءات مؤخراً بين قمة الكويت الاقتصادية وقمتنا الحالية.

غياب التضامن العربي يبقي أي اتفاق أو قرار مجرد وهم غير قابل للتنفيذ

وأضاف الرئيس الأسد.. ومن الطبيعي أن تكون المصالحات هي الموضوع الأهم في هذه المرحلة بوصفها الأرضية التي يبنى عليها النجاح أو الفشل لأي قرار نتخذه في جميع المجالات ففي ظل غياب التضامن أو ضعفه يبقى أي اتفاق أو قرار مجرد وهم غير قابل للتنفيذ ولاشك لدينا أن المواطنين العرب كادوا يفقدون الأمل في أن يكون الخلاف بين الدول العربية هو حالة طارئة بعد أن أصبح التضامن هو الحالة العابرة في العلاقات السائدة بين دولنا وما يعنيه ذلك من فقدانهم الأمل في أن يتجسد أي شيء حقيقي من المواضيع الأخرى على أرض الواقع وتكريس حالة الإحباط السائدة لديهم أصلاً وهذا ما كان جلياً بأوضح صوره منذ أشهر قليلة وتحديداً في فترة العدوان الإسرائيلي على غزة الذي كان النتاج الطبيعي للعقل الإجرامي الإسرائيلي من جهة والنتاج غير الطبيعي للضعف العربي الناجم عن انقسامنا من جهة أخرى إلا أن التبدلات التي حصلت في الأسابيع الأخيرة التي تلت قمة الكويت الاقتصادية قد أعادت بصيص الأمل لدينا جميعاً في إمكانية الانتقال بهذه العلاقات باتجاه أفضل ولكن يبقى التساؤل الذي يدور في ذهن كل مواطن عربي هل هذا مؤقت أم دائم ونتساءل نحن كمسؤولين كيف نجعله ثابتاً لا متغيراً وجوابي هو بالمنهجية والمأسسة فحتى هذه اللحظة لا تزال علاقاتنا تخضع لنا كأشخاص لطبائعنا وأمزجتنا وبالتالي فهي معرضة لاحتمالات سوء الفهم أو التقدير وللانتكاسة في كل مرة تواجهنا مشكلة ذات حساسية ما والاستمرارية فيما بدأناه لا تتحمل التبدلات الحادة وغير المتوقعة.

وقال الرئيس الأسد وأي إنجاز نسعى إليه ينطلق من امتلاك الإرادة وأؤكد بثقة أنها موجودة لدينا جميعاً لكن الإرادة الصادقة والنية الطيبة وحدهما غير كافيتين فهما القاعدة والأساس ولكننا نسعى اليوم للبناء الكامل.

المشكلة ليست في وجود الاختلاف لكن في طريقة إدارتنا للخلاف20090330-162206.jpg

وأضاف الرئيس الأسد والمشكلة.. أيها الإخوة ليست في وجود الاختلاف بحد ذاته فهو طبيعي وملازم لتنوع طبيعة البشر سواء في الأمة الواحدة أو الوطن الواحد أو الأسرة الواحدة لكن المشكلة الحقيقية تكمن في طريقة تعاطينا معها وفي طريقة إدارتنا للخلاف والذي لا يمكن أن نديره بشكل سليم ما لم نبدأ من توحيد رؤيتنا للتضامن الذي نريد فالتضامن العربي لا يعني التطابق العربي بل يعني التكامل العربي وهو ليس عملية استنساخ للمواقف بل هو عملية تنسيق بينها والتطابق في المواقف يحتاج لظروف متطابقة تنتج رؤية واحدة وهذا غير موجود لأسباب موضوعية أما الاختلاف فبدلاً من أن نراه بشكله السلبي كتناقض بيننا فلنراه بوجهه الإيجابي كتنوع يعبر عن الغنى في حال تمكنا من استثماره من خلال تكامل عناصره المختلفة والخلاف بيننا هو ليس على المصالح فلا وجود في الواقع لأي تناقض أو تضارب في المصالح بين أي دولتين عربيتين بل هو اختلاف في وجهات النظر المطروحة والمدخل في مثل هذه الحالة لأي تضامن عربي يكون بالحوار القائم على قبول الاختلاف الذي يفرضه اختلاف الظروف التي تحيط بكل دولة وبالتالي ينتفي المبرر والإمكانية لتحوله إلى خصومة مريرة تؤدي في محصلتها إلى الإضرار بالمصالح المشتركة التي لم تكن في الأساس سبباً للمشكلة الناشئة.

وقال الرئيس الأسد وإذا كان هذا الأساس ضرورياً للنهوض بواقع التضامن العربي فهو غير كاف بكل تأكيد فالممارسة السياسية المحددة بضوابط مؤسساتية ضرورية لاستمراره واستقراره واسمحوا لي أن أطرح بعض النقاط العملية المستخلصة من تجاربنا العربية خلال السنوات الماضية والتي أراها كفيلة بتجنب الكثير من المطبات في علاقاتنا العربية النقطة الأولى تتعلق بضرورة طرح أي مبادرة من قبل أي دولة عربية قبل انعقاد القمة بفترة زمنية محددة يجري الاتفاق عليها بحيث لا يجوز تجاوزها من جانب أي دولة لكي تتاح الفرصة لجميع الدول العربية لدراستها والتشاور حولها حيث دللت تجاربنا الماضية أن بعض المبادرات قد لا تكون محل اتفاق أو إجماع وقد تؤدي إلى حدوث شرخ في العلاقات العربية يمكن تلافيه فيما لو تم التشاور بشأنها قبل طرحها وبالتالي تفادي أي فشل محتمل للقمة المنعقدة.

النقطة الثانية هي حول عدم طرح مبادرات تتعلق بقضايا محددة تخص دولا معينة دون موافقة تلك الدول الأساسية المعنية مباشرة بتلك القضايا انطلاقاً من مبدأ الوقوف إلى جانب بعضنا البعض وليس الحلول محل بعضنا البعض فأصحاب القضية هم الأحق والأقدر على تحديد احتياجاتهم وتقدير مصالحهم.

أما النقطة الثالثة فهي بالنسبة للمبادرات التي تطرح وتتعلق بالقضايا الخلافية التي تنشأ بين دولتين أو بين أطراف في دولة واحدة فنرى أن تبني أو دعم مؤسسة الجامعة على مستوى القمة أو مستوى وزراء الخارجية لها أي لهذه المبادرة يجب أن يكون مبنياً على قبول كافة الأطراف المعنية بالمبادرة لها وليس قبول البعض من هذه الأطراف فقط وذلك كي لا تجعل الجامعة العربية من نفسها طرفاً بدلاً من أن تكون راعياً ومساعداً وما ينتج عن ذلك من تعقيد للمشكلة الأساسية من جانب وزيادة احتمال انقسامنا كدول عربية حول الموقف من المبادرة والحلول المطروحة من جانب آخر.20090330-143301.jpg

وأضاف الرئيس الأسد وفي كل الأحوال فإذا بقي خلاف فلنناقشه وجهاً لوجه وهي الغاية الأساسية من عقد القمم واللقاءات العربية على مستويات مختلفة ولكن ومهما اشتد الخلاف فلا يجوز أن يصبح الخلاف خارج الإطار العربي ولا أن يسيء أحدنا للآخر أمام الآخرين.. وإلا فكيف لنا أن نطالب الآخرين بسياسة واحدة تجاه قضايانا ونحن نتعامل معها بسياسات متعددة أو كيف نطالبهم بسياسة تدعم مصالحنا ونمارس سياسات ضد بعضنا البعض.

المصالحة الفلسطينية مناعة للشعب الفلسطيني ووقاية من أي عدوان إسرائيلي محتمل

وقال الرئيس الأسد أيتها الأخوات أيها الإخوة لقد شهدنا جميعاً العدوان الإسرائيلي على غزة وشاهدنا بأم أعيننا الجرائم الفظيعة التي ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين الأبرياء وعلى الرغم من إجماعنا على أن الخلاف الفلسطيني مهد للعدوان إلا أن هذا لا يجعلنا ننسى المجرم الحقيقي ومع تأكيد دعمنا اللامحدود كقادة عرب للمصالحة الفلسطينية التي نرى فيها مناعة للشعب الفلسطيني ووقاية من أي عدوان إسرائيلي محتمل إلا أن هذا لا يجعلنا نغفل حقيقة إسرائيل كدولة مبنية على العدوان والقتل وعن أنها ترى مستقبلها في تهجير الفلسطينيين إلى وطن بديل بهدف الوصول للدولة اليهودية المنشودة ومع ارتياحنا لأن نرى معظم دول العالم تدرك حقيقة توجهات الحكومة الإسرائيلية المنتخبة مؤخراً والمعادية للسلام فإننا نؤكد أن هذه الحكومة تعبر عمن انتخبها وهي رسالة واضحة غير مفاجئة لنا تعلن أن السلام بالنسبة للإسرائيليين خيار تكتيكي فقط يرمي للتغطية على أهدافهم البعيدة المؤسسة على عدم إعادة أي حقوق اغتصبت منا وهذا لا يتطلب منا استبدال استراتيجية خيارنا بالنسبة للسلام.. ولكن ينبغي على التكتيك والآليات أن تتغير.. ليس مع تغير الحكومات في إسرائيل وإنما مع ثبوت الغايات الحقيقية والنزعة العدوانية للإسرائيليين تجاهنا وتجاه العملية السلمية.

وتابع الرئيس الأسد وفي هذا الإطار فلقد دار جدال واسع مؤخراً حول موضوع المبادرة العربية للسلام بعد العدوان الإسرائيلي على غزة وبناء على حوارات قمة غزة في الدوحة وقمة الكويت الاقتصادية.

وحديثي في هذا الموضوع.. ينطلق من كون سورية واحدة من الدول الثلاث المعنية مباشرة بعملية السلام مع لبنان وفلسطين.. ومن كون الموضوع بحد ذاته يتعلق بمصالحنا الوطنية..وعلينا أن نقاربه بدقة متناهية وبوضوح تام وبعيداً عن أي مجاملات قد تسيء إلى مصالحنا.

مجيء حكومة يمينية ومتطرفة في إسرائيل لايغير في الواقع شيئاً لأن يمينهم كيسارهم كوسطهم

وقال الرئيس الأسد والأساس في أي حديث عن موضوع السلام هو أن لا نربط بين توجهاتنا العامة تجاه السلام وبين التغيرات داخل إسرائيل فتوجهاتنا تعكس حقوقنا ومصالحنا الثابتة ويجب ألا تتبدل مع التبدلات في إسرائيل وإلا فإن الإسرائيليين سيفرضون علينا ظروفهم الدائمة التغير.. بدلاً من أن نفرض عليهم ثبات موقفنا تجاه قضايانا وحقوقنا إذ ان ما يتغير في إسرائيل هو المظهر فقط أما المضمون فهو نفسه دائماً لذلك ينشغل البعض بتغير مظهرهم ويغفل عن ثبات حقيقتهم التي هي ضد السلام ومعنى ذلك ألا نجعل من السلام رهينة التبدلات في إسرائيل فمجيء حكومة يمينية ومتطرفة لا يغير في الواقع شيئاً لأن يمينهم كيسارهم كوسطهم جميعهم يتنافسون على أراضي العرب وأرواحهم ودمائهم وجميعهم يعكس حقيقة أن المجتمع الإسرائيلي غير مهيأ للسلام وهو لم يكن مهيأ من قبل ولكن حالته تسوء يوماً بعد يوم وعلينا توقع مجيء حكومات أكثر رفضاً للسلام مع مرور الوقت.. يتم اختيارها من قبل مجتمع يزداد تطرفاً وميلاً للعدوان. 20090330-160957.jpg

وأضاف الرئيس الأسد:هذا يعني بوضوح لا جدال فيه بأننا.. كطرف عربي.. ومنذ أطلقنا المبادرة العربية للسلام.. لا يوجد لدينا شريك حقيقي في عملية السلام.. والتي لا يمكن أن تنجز بطرف واحد عربي فقط.. فمن الناحية العملية.. هذه المبادرة غير فاعلة ولو عملنا على تفعيلها.. وذلك لعدم اكتمال شروط التفعيل هذا.. لأن إسرائيل لن تقبل بمبادرة تستند إلى المرجعيات التي تعيد الحقوق لأصحابها.. أي أن إسرائيل هي من قتل المبادرة.. وليس قمة الدوحة كما حاول البعض تسويقه.. وهذه المبادرة ليست مرجعية جديدة.. بل هي تأطير للمرجعيات التي يتمسك بها العرب من أجل تحقيق السلام.. يضاف إليها استعداد العرب الجماعي لتوقيع السلام في حال التزمت إسرائيل بالسلام.. كحافز لها.. ونحن.. كطرف عربي.. لم نتخل عن هذه المرجعيات التي تضمن حقوقنا ولن نتخلى عنها.. لذلك كان طرح تعليق المبادرة العربية في قمة الدوحة.. كرد طبيعي على استهتار إسرائيل بالسلام.. والذي بلغ ذروته في العدوان على غزة.

وقال الرئيس الأسد:إذن.. فإن عدم سحب المبادرة من جانبنا يعني أن نتمسك بالمرجعيات المتضمنة فيها.. والتي تتهرب إسرائيل منها.. كما أن تعليقها يعني أن الشروط الضرورية لتفعيلها وفي مقدمتها وجود طرف إسرائيلي مستعد لقبولها غير متوفرة.. كما أنه يعني بقاءها مطروحة.. ولكن بصورة شرطية.. فعندما تتوفر هذه الشروط.. يمكن عندئذ تفعيلها والعمل بمضمونها.. وعلى من يريد العمل معنا في إطارها.. أن يقنعنا بوجود الطرف الآخر الراغب جدياً بالسلام.

وأضاف الرئيس الأسد: أما بالنسبة للطرح الذي يقول بأنه علينا أن نعطي المبادرة كورقة للدول التي تريد التحرك لدعم عملية السلام..فنحن نحترم هذا الرأي.. ولكن نقول بأن الورقة التي بأيديهم هي المرجعيات المتضمنة في المبادرة.. فيمكنهم التحرك بناء عليها لأنها هي الجوهر والأساس.. وعندما يتمكنوا من إقناع الإسرائيليين بها فالمبادرة موجودة ويمكن حينها العمل معهم من خلالها.

وتابع الرئيس الأسد.. كل ذلك يعني بأن طرق الأبواب لتسويق المبادرة..ولإقناع الآخرين بقيمة ما نطرحه من خلال وفود باسم القمة لا جدوى منه.. وهو ما اعتمدناه سابقاً كاتجاه لتفعيل المبادرة عقب كل قمة تلت إطلاقها.. على أمل أن نرى تحولاً إسرائيلياً جدياً.. وهو احتمال لا نراه في المدى المنظور قابلاً للحدوث.. أو أن نرى تحولاً دولياً يقوم بالضغط على إسرائيل لدفعها باتجاه عملية السلام.. وهذا الذي لم يحدث حتى الآن.

السلام لن يتحقق مع عدو لايؤمن بالسلام دون أن يفرض عليه بالمقاومة

وأضاف الرئيس الأسد: بل إن ما حدث هو عكسه تماماً في قمة الاتحاد من أجل المتوسط في باريس.. عندما رفضت الدول الأوروبية المشاركة وضع المبادرة في البيان الختامي.. ومن ثم عادوا وأبدوا حماساً لها مؤخراً.. فما سر هذا التناقض غير المبرر. لذلك علينا ألا نعتمد على الآخرين.. ولا أن نبني على مواقفهم.. بل يجب الاعتماد على قوتنا الذاتية.

وقال الرئيس الأسد :وفي هذا الإطار فإن السلام لن يتحقق مع عدو لا يؤمن بالسلام.. دون أن يفرض عليه بالمقاومة.. فرغبتنا في السلام هي الدافع لنا لدعم المقاومة.. ودعمها هو واجب وطني وقومي وأخلاقي.. وهو خيارنا الوحيد في غياب الخيارات الأخرى.. فلنجعلها فوق خلافاتنا الظرفية كقضية نتوحد حولها وكمبدأ نؤمن به طالما وجد احتلال أو اغتصب حق.. فإيماننا بالسلام وتمسكنا به قوي كقوة إيماننا بالمقاومة وتمسكنا بها.

وأضاف الرئيس الأسد: وإذا كانت مسؤولية الفشل في تحقيق الاستقرار في منطقتنا تحمل للوضع الدولي..فنحن أيضاً نتحمل المسؤولية المباشرة في ذلك عندما لا نتصدى لمحاولات مصادرة قراراتنا والتحكم بمصيرنا والتدخل في شؤوننا الداخلية.. وما يحصل حالياً بحق السودان هو فصل جديد من فصول استضعاف العرب وعدم احترام سيادة دولهم.

إصدار مذكرة بحق الرئيس البشير مرحلة من مراحل تقسيم السودان لإضعافه والاستيلاء على ثرواته

وقال الرئيس الأسد: وما إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرة بحق رئيس عربي تحت عناوين مزيفة.. سوى مرحلة من مراحل تقسيم السودان بهدف إضعافه.. ومن ثم الاستيلاء على ثرواته وتقاسمها بين مجموعة من الدول تسعى لتكرار تجربة الانتداب عبر تسخير المؤسسات الدولية تمهيداً لعودة الاستعمار الحديث بشكل أكثر حداثة.. وإذا كنا نحترم القرارات الدولية والمؤسسات المشرعة لها والمتفرعة عنها.. فنحن لم نعتبر يوماً أنها تحل محلنا أو تقرر مصيرنا دولاً وشعوباً.. وإذا كنا نحترمها فلأننا ملتزمون بالميثاق الذي وقعت عليه دولنا.. وبالتالي أي قرار يشكل خروجاً على هذا الميثاق علينا أن نرفضه من دون تردد.

وتابع الرئيس الأسد.. وبمعنى أكثر وضوحاً فما يسمى اليوم بالشرعية الدولية لم يكن.. ولا يجوز أن يكون.. أعلى من الشرعية الوطنية لأي بلد يحترم نفسه ويحمي استقلاله مهما كبر الثمن.

وما يتعرض له السودان هو ما تعرضت له فلسطين في بدايات القرن الماضي.. والذي مازلنا ندفع ثمنه حتى اليوم.. ونحن مدعوون اليوم.. ليس لانتقاد المذكرة ولا لتوصيفها.. وكلنا يتفق حول تسييسها.. وإنما لرفضها من الأساس وللدعم المطلق للسودان في هذه المرحلة من المواجهة.. لكي نجنبه ونجنب دولنا المراحل التالية التي ستليها حتماً وصولاً إلى تفتيته.

وأضاف الرئيس الأسد: أما حججهم الواهية في ارتكابات ملفقة ارتكبها السودان فنناقشهم بها بعد أن يقوموا بجلب من ارتكب الفظائع والمجازر في فلسطين ولبنان والعراق إلى المحكمة مدانين بنفس التهم لكن غير الملفقة بل مثبتة بالوثائق وبالوقائع وفي حال فشلنا في تحمل مسؤوليتنا الراهنة مع ما يعنيه ذلك من نتائج مدمرة لنا جميعاً فسوف نتحمل المسؤولية التاريخية عن عدم قيامنا بواجبنا تجاه قضية واضحة وضوح الشمس في بداياتها ومبرراتها وأدواتها وأهدافها.

وقال الرئيس الأسد: أما ما نسمعه من آراء تطرح حول خطوات سياسية معينة نقوم بها نحن والسودان أو دعوات لتأجيل القرار لمدة عام أو القيام بإرسال رسائل الى أي كان فكل ذلك لن يجعلنا نحقق شيئاً وسيشجع الدول التي وقفت بالخفاء خلف القرار للقيام بالمزيد من محاولات التدخل المشابهة والتي لن تقتصر على السودان بل ستتعداه إلى دول أخرى عربية أو غير عربية لذلك أكرر دعوتي للقمة لاتخاذ موقف جريء واضح لا لبس فيه يرفض لا يوصف يحسم ولا يسوف.

وقال الرئيس الأسد كما ذكرت في البداية فالقضايا والمواضيع التي مرت خلال عام مضى كثيرة ولقد تم عرضها في التقرير المرفق بالرسالة التي وجهتها إلى القادة العرب لذلك ارتأيت التطرق في كلمتي هذه إلى عدد من القضايا التي أراها أكثر إلحاحاً للنقاش فيها وبغض النظر عن تفاصيل المواضيع المطروحة أمامنا فآفاقها مرتبطة بالموقع الذي نقرر أن نقف فيه سواء أردنا أن نكون تابعين في المؤخرة أو شركاء في المقدمة فإذا اخترنا الثانية فأساسها الثقة بالنفس بالأمة بشعبها بتاريخها أساسها القيام بواجباتنا تجاه قضايانا بدلاً من انتظار هبات تقدم إلينا من الآخرين هي ليست حقاً لهم بالأساس.

الحرب على الارهاب حرب علينا لصالح الارهاب ونشر الديمقراطية من قبل الغير نشر للفوضى

وأضاف الرئيس الأسد وعلينا أن نسمي الأشياء بلغتنا نحن فالحرب على الإرهاب هي حرب علينا لصالح الإرهاب ونشر الديمقراطية من قبل الغير هو نشر للفوضى عدم إعطاء إسرائيل الذرائع يعني عدم مطالبتها بالحقوق يعني الانهزام أمامها واختراع أعداء وهميين في منطقتنا يحلون محلها كعدو وحيد هو مساعدة لها أما المقاومة فهي شرف لنا وليست تهمة ضدنا ولاعار علينا أن نفتخر بها.

وتابع الرئيس الأسد علينا ألا نسمح بتوصيف قضايانا من قبل الغير فلا نقصر بحق شعبنا ولا نخسر دعم بلدان تعاطفت معنا ولا نعطي المجال لكل من يريد أن يحل محلنا أو أن يتدخل في شؤوننا أي علينا أن نتوكل لا أن نتواكل عندها فقط نحجز موقعاً يليق بطموحاتنا ونفرض رؤيتنا ونصدر بدلاً من أن نستورد مصطلحاتنا المعبرة عن واقعنا عن رؤيتنا وعن مصالحنا وعندها يكون لكل خطوة نخطوها أثرها ولكل قمة نعقدها وزنها وقال الرئيس الأسد إنني أتطلع معكم إلى أن تحقق هذه القمة الأهداف التي وضعناها نصب أعيننا ولا أرى ذلك بالأمر العسير بل هو بأيدينا ورهن إرادتنا.. وبهذه الإرادة سنتمكن من كسب الرهان على المستقبل.

واختتم الرئيس الأسد كلمته بالقول أحييكم أيتها الأخوات أيها الإخوة ويسعدني أن أسلم رئاسة القمة إلى أخي سمو الأمير حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر الذي أشارككم الثقة بأنه خير من يحمل الأمانة.

نقلاً عن الوكالة العربية السورية للأنباء . سانا

تعليق الرحالة العربي ابن الجبيلي على الحدث : إن الأمة العربية بحاجة إلى قادة ملهمون يعززون ثقتنا بالمستقبل ، وبالأرادة والتصميم على التغيير . قادة يقرأون التاريخ ، ويستلهون العبر لتطوير فهم الأجيال للثقافة الوطنية والقومية ، والألتزام بالمبادىء . التي ترفع من شأن قدراتنا وأفكارنا ، ومكانتنا تحت شمس الحضارة . قادة تحضنهم العقول والقلوب لأنهم يمثلون أمل الأمة ، وعنفوان الشباب ، ونضارة المستقبل ، ومن هو اليوم أقرب إلى العزة والكرامة وطهارة الوجدان من قائدنا وشعلة الأمل في حياتنا . ضمير الأمة العربية . الرئيس والقائد المحبوب بشار حافظ الأسد . لقد حدد بوصلة المسيرة وقالها بكل وضوح وصراحة .. للكبار والصغار.. من هنا الطريق

الاثنين، 23 مارس 2009

رسالة من الرحالة العربي إلى الشباب العربي من المحيط حتى الخليج.. أنتم القادة وكل الكبار هم الرعية




منذ بدء الخليقة وطاقات الانسان تتمايز عن واقعه المعاش . ولأن واقع الشعوب والأمم ومختلف الحضارات الانسانية تقوم على استخدام أعظم الامكانيات للتقدم والرقي والازدهار نجد أنه ما من أمة تطورت إلا وكان عماد تحولاتها مجتمع الشباب . الشباب كالشجرة نتاج بذرة ماتلبث أن تعانق السماء بأغصانها لتبقى قوتها في صلابة جذوعها . إن نظرة على واقع أمتنا العربية يجعلنا نحرر آلاف الأسئلة في عقولنا . هل نحن حقاً ننتمي إلى عظمة تاريخنا وثقافتنا وأصالتنا ، وتراث الأباء والأجداد الذين رفعوا راية الأمجاد والعلم والمعرفة والتقدم الحضاري بقيم مجتمعاتنا الدينية والأخلاقية والوجدانية . أم هناك فجوة في حالة أمتنا وعلينا تحديد ملامحها وحجمها ، وأسباب وجودها وعوامل استمرارها ، وكيفية التخلص منها وتجاوزها . مجرد تساؤلات تتطلب من كل فرد منا أن يتناولها بالتدقيق والتمحيص ، والمتابعة والملاحظة لأستخلاص العبر والأحكام ، والتقييم الموضوعي الهادىء . كي نجدد إيماننا بهويتنا العربية، ونتخلص من مختلف أشكال السلوكيات السلبية التي تعصف بحركة ممارساتنا وواقعنا . في ظل التحديات الضخمة التي يفترض بنا مواجهتها والتغلب عليها بالارادة والايمان والتصميم على التغيير نحو الأفضل ، وبالتفكير العقلي المستنير ومنطق البحث العلمي والتخطيط العملي ، واستخدام كل الأمكانيات الموضوعية للوصول إلى الأهداف والطموحات التي توحد أمتنا بالعزة والريادة والأبداع المستمر ، والأمن والعدل والتطور والرخاء . في ظل هذا الواقع كان علي القيام بخطوة صعبة جداً بالسير على الأقدام عشرات الآلاف من الأميال في مختلف الأحوال المناخية والظروف المتقلبة لنشر نداء أمتنا إلى العالم من أجل صيانة الحق والعدل والسلام الشامل ولتوضيح حقائق الواقع بعيداً عن التشويه المتعمد لوسائل الأعلام وغيرها لحقيقة مايجري على أرضنا من مظالم ساهم العالم بتكريسها بتسهيل زرع هذا الكيان السرطاني في جسد أمتنا للفتك بها ، والنيل من مصيرها وحقوقها ، وأمنها ومقدراتها ، وكرامتها وسماحة قيمها ووحدتها ، ورسالتها الحضارية الخيرة لكل الأمم والشعوب .

وأتساءل اليوم وأنا في مرحلة عمرية وسطية بين جيل الشباب والكبار . ماذا قدم لكم الكبار من انجازات وخبرة وامكانيات ووقائع وحلول تستعينون بها في مواجهة المستقبل من تخطيط وتنمية وآليات أنظمة وبرامج وفرص عمل وقوانين وتشريعات وحقوق ، ومؤسسات تصلح أن تكون قاعدة الأنطلاق نحو المستقبل . قد يجادل البعض بأنه كثير ، ولكن ضميري الانساني كرحالة عربي يأمرني بالأعتراف بأنه أقل من القليل . لقد كنتم أطفالاً حينما حملت همومكم وأحلامكم لهذا العالم المتعامي عن الحقائق المريرة التي تتحمل مآسيها الأمم والشعوب المستضعفة وفي مقدمتها شعبنا الفلسطيني في ظل علاقات فردية وجماعية ورسمية ودولية لاتجمعها توازن التعامل مع الحق والانصاف واحترام المصير . والآن أنتم شباب اليوم وعماد المستقبل . وقد كبرت همومكم، وتضخمت التحديات في طريقكم، وتعاظم الظلم الاجتماعي والرسمي والدولي في عيونكم وحياتكم . لقد رحل الكبار الذين قدموا الجهد والعمل والتضحيات من أجلكم . لذلك اسمحوا لي أن أقدم لكم اليوم اعتذاراً صريحاً نيابة عن الأمة العربية كلها . لأنها تشكل نبضات قلبي الموحدة ، ونيابة عن الكبار من زعامات الأمة الذين لم يثبتوا لكم أنهم في مستوى المسؤولية التاريخية أمام الأجيال والأحداث العظيمة . ولم يعتادوا على الأعتذار عن أخطائهم أمام الأمة بل أصبح تكريس تلك الأخطاء الاستراتيجية والمصيرية جزءاً من الخطاب السياسي في توجهاتهم . إنني من جيل لم تستطع رياح التشويه والانحراف والتجهيل أن تنال من ايمانه بعبثية هذه الحدود المصطنعة . التي زرعتها أيدي سايكس - بيكو الاستعمارية وأؤمن بأنكم كشباب قادرون على إزالتها . رغم جيوش حماتها ومحاولات تكريسها في الثقافة الفكرية الطارئة والغريبة عن وجداننا القومي . هذه الأمة بحاجة إلى دماء متجددة في عروقها وقد دفعتم ثمناً غالياً في دفاعكم عن الوطن سواء كان واجباً طبيعياً عليكم ضد عدو طامع وغاصب . أو مفروضاً عليكم بفعل أخطاء من هنا أو هناك . أو نتيجة استباحة الكبار واستهتارهم بحق المشاركة في صنع القرار . وأدعوكم اليوم لتقدموا لهؤلاء جزءاً من دمائكم طوعياً فربما تجدد الحياة في شرايينهم المتيبسة . لأنهم صمتوا على فظاعات الظلم وهدر الكرامة والعبث بمصير الأمة الواحدة ، وكي يعرفوا بعضاً من النخوة التي عكست مواقف رائدة في تاريخنا مثل نخوة المعتصم ومواقف الملك فيصل في عام 1973 وقادة آخرون تفتخر بهم وبنبل صدقهم وعظمتهم أمتنا . نحن في حاجة إلى إعادة قراءة التاريخ وتخليصه من الشوائب التي تسربت الى صفحاته بفعل التشويه والانحراف . وعلينا أن نعمل العقل والمنطق ، والقراءة المتأنية في التعامل مع الأحداث ، ورفض الخنوع والذل والهوان ، وحرف التراث والثقافة عن أصالتنا وماضينا الذي نستلهم من قادته المخلصين العبر والدروس ، والبحث عن أدوات التغيير وأساليبه والأهداف الاستراتيجية التي توحد الأمة . والتصدي للتعصب والانحرافات الغريبة عن تربيتنا وأخلاقنا وكرامتنا ، وأن ننبذ الأحقاد والفتن والطائفية والأنانيات . إن تعدد الآراء ووجود بعض التباينات والأختلافات يؤسس للأستفادة من تنوع أفكارنا لنبني لا لنهدم ، لنرفع من شأن الأمة وثقافتها لا لندمر وحدتها ومصيرها . لقد أثبت النظام السياسي العربي عجزاً واضحاً أمام التحديات في السنوات الماضية وهو ليس قدراً في حياتنا ومستقبلنا . وإن محاولات التجميل والمصالحات الهامشية لن تنسينا سبعة آلاف ضحية لم تجد نصرتها من الأهل وأخوة المصير الواحد . فهل نحتاج إلى مئة ألف ضحية حتى يسقط نظام مستسلم هنا أو هناك . أنتم الشباب قادرون على الاجابة . لاتنتظروا منا جواباً فنحن لسنا في مستوى فتوتكم وعزتكم ، ونخوتكم وشهامتكم ، وايمانكم وتضحياتكم ، وقدرتكم على التعامل مع متطلبات النهوض بأعباء المستقبل . ولأن المناسبة إفتتاح موقع ألكتروني يختص بالشباب العربي وقد آل المشرفون على إنشائه أن يكون واحة للشباب العربي ، ولزرع البسمة والفرح على ثغورهم في ظل ليل طويل باهت حاصر واقعنا في كل ألوان الحياة الانسانية . وقد أختاروا أن يحمل الموقع إسماً مميزاً ( أحلى شي) أقول لكم جميعاً أحلى شيء أن نعزز ايماننا بالوحدة العربية من المحيط حتى الخليج ، وأحلى شيء أن نثق بأنفسنا وبالمستقبل ، وأحلى شيء أن ننتصر للكلمة الطيبة والموقف الأخلاقي المسؤول ونتضامن مع بعضنا ، وأحلى شيء أن نستفيد من الفضاء الألكتروني بكل ماينفع النفس والفكر والالتزام بقضايا الوطن والأمة ، وألا نهجر الأرض لأنها الأم التي تعطي بلا حدود ، وأحلى شيء أن نتمسك بكل القيم الأخلاقية ، ونبل الانسانية والمساواة أمام القانون والدستور ، وأن نوازن بين الحقوق والواجبات ، وأحلى شيء أن نهمس في آذان حكامنا أن أرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء وإن لم تستطيعوا أن تحققوا العزة والمجد والأمل بيوم أفضل لنا ولأطفالنا ، وللوطن العربي الواحد الذي نحب ونعشق . أتركونا وشأننا ليرحمكم الله من غضبه وغضبنا . لقد ارتفع منسوب الألم في حياتنا ، ومن حقنا عليكم أن تكونوا بمستوى مانطمح ونأمل . وكيف يفرح الشباب وهو يسابق الزمن برحلة ماراثونية لاتنتهي من أجل تأمين لقمة الخبز والصحة والعمل والتعليم والبيئة والأمن الغذائي والحقوقي ، ويخوض معركة الحياة بعيداً عن الرشوة والفساد والمحسوبيات ومزاجية التعامل مع حقوقه الانسانية . إن المخاطر في حياتنا العربية كبيرة ومتعددة الوجوه ، وغياب الوعي بالحقوق ينتج أحداثاُ أكثر خطورة على صورة المستقبل ، وقادة وزعماء الأمة الكبار مدعوون لصحوة ضمير بعيداً عن آليات تقنيات الحكم وخلفياته وأسراره . صحوة نحو الشباب وقضاياهم وهمومهم . حتى يهرع المؤمنون للمشاركة في جنازاتهم حين يحل الرحيل ، ولقراءة الفاتحة على أرواحهم محبة وأحتراماً . لاخوفاً ورعباً ، وأوامر طغيان واستعباد . أيها الشباب علمونا كيف ندخل بوابات المستقبل الأفضل بمسؤولية واقتدار . فأنتم القادة وكل الكبار هم الرعية .

الخميس، 12 مارس 2009

نريد ديكتاتورية تؤمن لقمة الخبز ... بقلم : الرحالة العربي ابن الجبيلي













أصدقاء أربعة اجتمعوا في مساء أحد أيام دورة الزمن المستمرة . وقرروا انتاج فيلم سينمائي على مسرح الخيال . الأول طلب أن يمثل دور الشعب والثاني دور التاجر والثالث ضمير الزمن . وقد اعترض الأخير قائلاً : لماذا تورطوني بالقيام بدور الحكومة . هذا ظلم لا أستطيع تحمله .

وقد خضع صاحبنا لاختيارات الآخرين لأنه من العبث أن تختار بعد أن تملىء كل المقاعد الشاغرة . وجسد اعتراضه في سجل المشروع قائلاً : ان شرطي الوحيد عدم الاساءة لي وقذفي بشتى النعوت والالفاظ . ان كرامتي من كرامتكم حتى لو لم تعجبكم مخططاتي وسلطاتي. وعظمة أفكاري وترهاتي . وقوانيني وتشريعاتي . وحساباتي وسياساتي .

وبدأ العمل بالاتفاق على لقاء حواري على رصيف الديمقراطية . فهي القاسم المشترك بينهم . وكل منهم مؤمن بها ويستعين بصوتها وسوطها للتغلب على الاختلاف .وبدأت ملامح اللوحة الفنية الاولى تظهر على شكل الفيلم والسيناريو المرتقب .

الشعب : نريد من الحكومة أن تؤمن لنا المسكن والتعليم والرعاية الصحية اللائقة. وفرص العمل ووسائل الترفيه والامن . والتنمية المستدامة في الاقتصاد والثقافة والحقوق . والحليب والغذاء والدواء ونريد .. ونريد ..ونريد

شمر التاجر عن ساعديه واسترخى على مقعده في حركة تنبئ عن قدرته على التعامل كوسيط بين الحكومة والشعب . أليست التجارة شطارة . ومن يستطيع تأمين متطلبات العيش والرفاهية ووسائل الانتاج وأدواتها غير التاجر. وعلت الابتسامة ثغره قائلاً : حسناً أنا أستطيع تأمين كل الحاجات المطلوبة للحياة اليومية والمستقبل بشرط أن تساعدني الحكومة الموقرة على حرية الحركة داخل وخارج الوطن . فالحياة علاقات عامة تجمع الناس في كل شيء . التجارة . الادب والثقافة . الشعر والموسيقى . الفن والابداع والعلوم . الصناعة والزراعة . كل شيء له ثمن وقيمة ووجود . وأنا أستطيع تأمين كل حاجات الاسواق والابواق .

نظرت الحكومة الى التاجر بعين الريبة والشك . أليست مسؤوليتها بناء الاقتصاد وحماية المجتمع من الاستغلال والجشع . وتأمين رضى الشعب عنها وتأييدها . ومنحها ئقته ومحبته . وهذه الاشياء لا تتأمن باعطاء الحرية للتاجر . وعدم ممارسة الحكومة لمسؤولياتها يجعلها غريبة عن الشعب . وقد يصبح التاجر في يوم من الايام هو الحكومة . لأنه يمسك بخطوط البطن والعقل والأفكار . وبذلك يصيب الحكومة بالانكسار والانهيار. فتفقد هيبتها وجبروتها . وأحلام عظمتها وقيادتها لسفينة الوطن والنظام والتاريخ .

نهض ممثل الحكومة من مكانه وكأنه يريد انهاء الحوار قائلاً : ان الحرية مسؤولية كبرى وحياة المواطنين في هذا البلد من مسؤولياتي . وأنا الذي يقرر ويمنح . ويحاسب ويشرع ويشرح . ويخطط ويقود ويمثل . ويحدد مايضر وماينفع . وهذا الشعب شعبي . والتاجر لا حرية له ان لم يكن تحت امرتي . نحن لسنا في بلاد الواق واق . ولا نعيش على سطح القمر حيث القرب من الله يغني الناس عن الحاجة للحكومة . واني اقرر ما يلي : أولاً وثانياً وعاشرا ..وووووو والشعب معي . واستدار باتجاه ممثل الشعب قائلاً :قل أنت معي وكل شيء سيكون على ما يرام . فقفز ممثل الشعب من مكانه فرحاً بأنه سيتحد مع الحكومة ويصبح أكثر قوة ومنعة من السابق . وبدأ يصرخ بأعلى صوته : نحن هنا نؤيد الحكومة ونتوحد معها. في السراء والضراء فهي منا ونحن ندعمها . أليست من يتحمل همومنا. وشجوننا . وأحلامنا . وتدافع عن مصيرنا في وجه كل معتد على أرضنا وتراثنا وتاريخنا وحضارتنا ومصالحنا . وهي التي تتبنى أعظم المواقف المشرفة من أجل مستقبلنا وحريتنا وكرامتنا. وبدأ ممثل الشعب بممارسة دبكة شعبية تعبر عن الصدق والفرح وكأنه قد مسه شيء من فن الجنون . فما كان من ضمير الزمن الا أن غادر قاعة المسرح ولسان حاله يقول : آه .. أه .. أه

اللوحة الثاني : اجتماع في وادي الذاكرة بعد قرن من الزمن . لتقييم الاتفاق الاول على صياغة السيناريو للفيلم الذي لم ينتهي بعد . وقد وقف ممثل الشعب هزيلاً ولكنه واثق من المستقبل : لقد شهدنا كل أنواع السياسات الديمقراطية . والحريات والافكار العبقرية . في الاقتصاد والفن والتطوير والابداع . وعرفنا كل أشكال الحياة حلوها ومرها . طهارتها وفسادها. رقيها وتخلفها . وتعاملنا مع التجار الكبار والصغار . وبنينا وضحينا بكل ما نملك من أجل المستقبل . ولازلنا نقنع أطفالنا والاجيال تلو الاجيال . بأن المستقبل يشرق من سواعدنا وعيوننا . وقلوبنا ومحبتنا لبعضنا. وتضامننا مع أشقائنا . نطلب من الحكومة أن تحترم انسانيتنا. وتخلصنا من الديمقراطية التجارية . التي غزت أفكارنا دون أن تغذي بطوننا . نحن نطالب بالديكتاتورية التي تؤمن لنا لقمة العيش . وحرية التعبير عن دموع أطفالنا. وفلذات أكبادنا. لانريد الانضمام الى الاطفال الجياع الذين يموتون يومياً بعشرات الآلاف ويرحلون بصمت في افريقيا وغيرها من مناطق العالم . ونحن امة تعطي ولا نأخذ . تساعد ولا تطلب . وهاهو تاريخنا يبكي حاضرنا . سنمضي في طريقنا دون كلل ولا ملل. نقاتل بعظامنا وصدورنا العارية ولا نركع . لا للصمت ولا للمدفع . نريد من الحكومة أن تحزم أمرها وتعرف كيف تحمي أبسط حقوق هذا الشعب العظيم من كل يد تتاجر بقوت يومه والفاسدون في مقدمتهم . لأن هذا الشعب حتى لو أصابه الجوع سيبقى صامداً في مواجهة كل التحديات ولن يركع . وفجأة هرب التاجر وتخلى عن الحوار لأن الخوف من يأس الشعب وغضبه قد يقفز فوق الأقدار . والعدالة لاتعيش في الليل دون النهار . وقد أدرك هذا التاجر أن علاقته بالحكومة قد أصابها الانهيار، ولاشيء سيحميه من صرخة الاحرار، وخاصة حين تتحد الحكومة معهم .

نهض ضمير الزمن وأغمض عينيه وكأنه يريد أن يحلم ، والحلم ليس كفراً أو حرام .

الأربعاء، 11 مارس 2009

ياشام من نحن...بقلم : الرحالة العربي ابن الجبيلي


























عندما تختزل مدينة أمة بأسرها ، وتعيد للتاريخ أهازيج الفرح ، وتعلو على الجراح ونزيف الألم ، وتكون ربيع المستقبل بجمال الامل ، وتمنحنا روح التجدد والعطاء ، والتميز بأنبل القيم . لاتأخذنا الحيرة لحظة لمعرفتنا أننا نتحدث عن دمشق بصوت القلب والريح والقلم .


صور عن دمشق تلقيتها

أثارت في نفسي الشجون

وسحقت في أعماقي

غربة الجنون

وأبكتني بأشواقي

وأنا العاشق المفتون

وبحب الشام حنون

أنا عائد لامحالة

وللفيحاء بنورها مأسور

وكيف أنسى دفء صباحها

وأنس سهراتها

وجمال أطيافها والنجوم

والطهر الذي يخيم على أجوائها

وهي بحر الفنون

**********

أنا متطرف في حبك ياشام

وكيف لاأفعل وأنت النذور

ومن لايهواك يادمشق

إما خائن للهوى

أو عدو إمتهن الفجور

أنت مهد الشمس التي نعرفها

والزمان بقدرة الحب مسحور

تاريخك كعبة المجد لأجيالنا

والجحود لرايتك مذعور

في سمائك نور الكون عامر

والايمان مهد الجذور

كيف أكتب عنك يادمشق

ودمي في أرجائك منثور

شهيد أو عاشق نجمة

تطل على كل البحور

تحيروا في عجائب الدنيا وأعدادها

وأنت روح العجائب

وسحر العطور

هذه برقية حنين أرسلها

لأم الحضارة في كل العصور

من نحن ياشام لولم تكوني

عزة الكرامة

وكبرياء النسور

إذا فرحت دمشق توحدنا الصلاة

ونحن أهل السلام مدى الدهور

أنا .. وأستاذي .. وديمقراطية العصا... بقلم : الرحالة العربي ابن الجبيلي




جلست القرفصاء في ساحة المدرسة واضعاً يدي على خدي أندب حظي في الدنيا وكأنني شاب كبير . كانت السنوات السبع الاولى من عمري قد علمتني شيئاً من التمرد على الواقع

ولم يغفر لي استاذي في المدرسة الابتدائية نعتي إياه بالرجل القاسي . فجمع التلاميذ في فرصة الظهيرة وقد ناهز عددهم السبعمائة تلميذ وطلب من اثنين منهم حملي على الأكف وقفاي للأعلى وبدأ ينهال علي ضرباً بعصاه الغليظة.

وكم دعوت الله أن يكسرها بين يديه ليرحمني من عذابي . كانت تلك الحادثة قد حفرت في ذاكرتي صورة مخيفة عن الحياة . وقد توالت الظروف قي علاقتي مع استاذي تارة يغفر لي نظراتي الحادة نحوه لجرحه مشاعري وكبريائي ، وتارة اخرى يعود لتهديدي بالطرد من المدرسة وكأنها مزرعة خاصة يعمل فيها الفلاحون ويملكها الأقطاعيون الذين يشرعون قوانينهم وفقاً لظروف قبضهم على قوة العيش لدى العاملين عندهم . ومنذ تلك اللحظة تغيرت صورة المدرسة في خيالي .

وفي احدى الليالي وبينما كنت نائماً وخلال معمعة عظيمة عشتها من القلق حلمت بتبادل صور العلاقات بين الطلاب والمعلمين .أي بتحويل الطلاب الى معلمين ، والاساتذة الى تلاميذ ، وعندما جاء دور استاذي والذي لم يستطع الطالبان حمله لثقل وزنه نظرت اليه بتمعن شديد وأدرت له ظهري والعصا بين يدي ، وبدأت أخاطب التلاميذ بنبرة صوت متهدج : علينا ياأصدقائي أن نعلم أساتذتنا أصول المحبة والتسامح واحترام الحقوق والانصاف والرأفة والعدالة ، وعندما نفعل ذلك نكون أهلاً للانتماء الى أمة عربية عظيمة وصلت حضارتها الى أقاصي الصين وسادت في الأندلس وطلبت منهم الاستفتاء حول الاعلان بصوت واحد عن تأييدهم بعدم معاقبة استاذنا على سلوكه السيئ ، وبقيت أصرخ وسط صمت الطلاب المطلق . حتى وجدت أمي الى جانبي على السرير توقظني وتغسل وجهي بالماء قائلة : لقد زال الحلم يا ولدي .

وبعد ثلاثين عاماً مضت على تلك الحادثة ، وخلال متابعة مسيرتي حول العالم ، ووصولي إلى الأرجنتين . تذكرت ذلك الحلم الجميل، وتمنيت لو تكرر اليوم وتبادل الأطفال الأدوار مع السياسيين ومختلف الزعامات في العالم. ولكني توقفت فجأة عن الاسترسال في تخيلاتي المخيفة ، وطلبت من الله أن يغفر لي خطيئتي الكبرى بتعريض الأطفال الى مواجهة تهمة خطيرة جداً . وذلك لممارستهم الديمقراطية المطلقة في الحياة .

من مذكرات رحلتي حول العالم(2) بقلم الرحالة ابن الجبيلي















كانت الساعة تشير الى منتصف ظهيرة الثاني من أيلول عام 1987 والحرارة بدأت تشتد لتنبيء بيوم قاس .

العيون شاخصة باتجاه ساحة القنيطرة الرئيسية حيث تمركزت عدد من السيارات والعربات بعضها لرجال الأمن المكلفين بحماية المكان والبعض الآخر لنقل وقائع الأحتفال المتواضع الحجم .

العميق التأثير في تلافيف دماغ الزمن والتاريخ . تعانقت الأيدي وسط عناق فردي بين ذلك الشاب الذي سرحت عيونه بعيداً وكأنها ترحل عن المكان الى عوالم أخرى وعدد من الناس نصفهم من أقربائه جاؤوا من مسقط رأسه في حلب الشهباء التي عرف فيها لذة أول شهقة من نسمات الحياة. الحدث يثير الغرابة بعض الشيء بعض الناس كان مشدوهاً يكاد لايصدق مناسبة وجوده وآخرون يتلهفون للحظة انطلاق الرحالة وعيونهم تشخص نحو محافظ المدينة الذي عدل من وضع نظارته وهو يهم بدخول متحف المدينة حيث صور الدمار والخراب والشواهد والآثار التي تحكي قصة استشهاد مدينة عرفت حياتها كل ألوان البطولة والبسالة وأشكال الصمود والمواجهة والكبرياء وقد عكست ذاكرتها ملخص قضية شعب وامة قدر لها أن تكون في موقع الدفاع عن كل القيم الحضارية والانسانية وقد أعطت من شرايين دمائها ومن نشاط مفكريها وعلمائها وأبنائها وقادتها أعظم ملاحم التفوق والأمجاد والعلوم والمعارف والتضحيات ولم تجن سوى الغدر والعدوان والتآمر ومحاولات الهيمنة والتسلط والأستهتار بحقوقها ومستقبلها. كانت الجموع المحتشدة تنتظر حول سارية العلم الوطني الذي تكحل لأول مرة بعيون الأب القائد حافظ الأسد وهو يعلن تحقيق الأنتصار على أرضية الجغرافيا والواقع السياسي الذي تحكمه معادلات غير متكافئة تقيد النفس الانسانية وحريتها وتحطم قدراتها وتبعث الشك بامكانيات نهوضها ومواجهتها لمختلف التحديات العصرية وكان ذلك الأنتصار تأكيداً عظيماً على قدرة النفس الأصيلة وارادة المواجهة في صنع الأنتصار وبدء مرحلة جديدة .

وتتابعت مراحل تنفيذ برنامج الانطلاقة . وبدأت الخطوة الأولى في مسيرة التسعين ألف كم على الأقدام . لم أكن أحلم يوماً بتسميتي بطلاً أو وضع اسمي في معجم جينز للأرقام القياسية أو الأعمال غير المألوفة كان همي ايقاظ الضمير الانساني في كل بقاع الأرض وتنبيهم الى مآسي الحروب وعذابات الناس وآلام الأطفال الأبرياء الذين لاذنب لهم كي يتحملوا وزر مصالح ومخططات وجبروت وظلم القوى التي لاتنظر للأنسانية إلا عبر استعبادها وجعلها أسيرة أهواء ومنافع البعض الذين حولوا المكاسب والمال الى دين جديد وهم لادين لهم الا الجشع والطمع والوحشية.

وبدل أن تتطور الحضارة نحو الأفضل انحدرت نحو مواقع ومواقف لاتنتمي للحياة الانسانية بصلة وكنت اؤمن أن تعزيز وعي وتأثير الرأي العام العالمي يمكن له أن يعيد تلك العقول والقوى الظلامية الى جحورها ويقيد من مساحة تجاوزها للقيم العادلة التي لايختلف البشر حولها. وكنت أشرح للناس في كل مكان حقيقة مانعانيه في منطقتنا العربية والظلم الواقع علينا وعلى تاريخنا وقد شكلت الرحلة بمختلف نشاطاتها محطة اعلامية متنقلة تلمس العقل والضمير والوجدان الانساني في وقت واحد وقد شعرت بعظمة ساحة الصداقة نحونا مما لايستقيم معه وجه التشويه المتعمد ضد حضارتنا.

وكانت ذاكرتي قد غمرتها صور البؤس والألم والموت والعذاب الذي يعصف بحياة ملايين الناس في ظل استمرار الصراع الدولي والاستهتار المتعمد بحقوق البشر وفي مقدمتهم الأطفال الأبرياء في كل مكان . وكنت ادرك منذ البداية أن تلك الصرخة الانسانية الجريحة التي اطلقها دفاعاً عن الأطفال في العالم والتي تتجاوز كل حدود لازالت تفصل بين الأمم والشعوب ربما تكون صرخة في واد سحيق . ورغم وعورة الدرب وقسوة المعاناة الكبيرة في ظل البرد القارس والثلوج والرطوبة والحر والأمطار والسير في الوديان والغابات والجبال ومواجهة الحيوانات المفترسة ومختلف الأخطار والأهوال .

رغم ذلك كان ايماني بعدالة وقدسية تلك الرسالة يزداد يوماً بعد يوم.لقد منحني دفء الحب والتضامن العميق الذي وجدته في كل مكان ومن مختلف الأوساط الشعبية والرسمية الدولية والعالمية قدرة كبيرة على الاستمرار في مواجهة مختلف التحديات والظروف وأثبت لي أن صوت الطفولة يمكن أن يتجاوز كل المعيقات في الواقع الكوني لهذا اؤكد دائماً على أن : الحب طاقة عظيمة لو قدر لها أن تفعل فعلها لغيرت وجه العالم . ومن بلد الى بلد ومن عاصمة الى اخرى كان نداء انقاذ أربعين ألف طفل يموتون يومياً من الجوع يهز ضمير كل انسان حقيقي يشعر بروح المسؤولية التضامنية مع ألام وأحلام وطموحات تحقيق العدالة للناس في كل مكان . ومع شهقة كل طفل يولد في عصر الألم كان النداء يزداد انتشاراً كأنه الحياة التي تدافع عن استمرارها. انها صرخة آلام الأطفال ودموعهم ولسان حال المتضامنين مع سفيرها في العالم يقول:

ياحامل السلم في ترحالك الأمل********* بأي معجزة غراء ترتحل

صوت الطفولة غصات وحشرجة*** هيهات تغضي عن الأنات يارجل

لسوف تبقى لها ناراً على علم ******* فما الثريا اذا شعت ومازحل

وصلت بالجهد لم تبخل بغالية ***** يقضي الأبي شهيداً حين لايصل

كفرت بالصمت والايمان رائدكم ****** الصمت أحمد إثم ليس يغتفر

أبا السلام حملت العبء عن ثقة **** وفي حناياك جمر الحب يستعر

مددت بالحب للأطفال ألف يد ***** كل الأماني ببعض الحب تختصر

تحية الود كالأنسام عاطرة ***** فداء تلك المساعي السمع والبصر

لمن تعرف حجم قلبها... بقلم : الرحالة العربي ابن الجبيلي





























يوم أمس زارني على

موقعي الألكتروني صوت

يشبه عطر الملائكة

والروح عطشى


ودمي في حيرة

من عمق المسافات

لاأدري كيف تخترقني

بدايات الموج بشكل النهايات

ابتسم أيها القلب المسكون

بكثرة الأنباء والأسماء

ربما تكون حرفاً في مربع الكلمات

أو شجرة في ساحة الأفكار والأنات

كن ماشئت

ودعني أخلد في نور البسمات

في آخر الليل

كل الأشياء لها خصوصية

كنكهة المانجة المصرية

والوردة الجورية

ورحيق المرأة العربية

كل مايحمله لنا الخيال

اشعاع حلم

يتيه بألوان الموسيقى العالمية

وينتفض علينا

حين لاننتصر للموشحات الأندلسية

لحظة خطقت كياني

دون خوف من قوانين الدنيا

واختفت كالأمنيات

على رصيف النسيان

وأناقابع هنا

تحت ظلال الغربة

وقسوة الحرمان

همسة فضائية من انثى

وبحة ضحكة رقيقة

من قال أن الحلم بامرأة

لايشبه ربيع الحقيقة

قدتوقف الزمن فجأة

وأعادني لآهاتي العتيقة

وصرت ألاحقها لأمسك العطر

بين الندى والصدى

كطفل تجذر في تراب الحديقة

والحب في أعماقي قدر لعملاق

وهي الملكة التي تربعت فوق صدري

بوجه وردة عشيقة

أكلمها .. تحاورني

تهز في الوجد والأمل

وأصبح كمن يحرق أنفاسه

لتضيء بروحها الزمن

أنا يامرآتي ليس أنا

ان لم تكوني في رؤياي عاشقة

وأنا المعشوق

وليمضي الى جهنم الندم

سأعود مع الشمس ... بقلم : الرحالة العربي ابن الجبيلي











من تلك الأرض الساحرة التي حاصرتها المجاهيل . اخترق التاريخ قلب الانسان . وبدأت مجدلية جديدة . وألغاز عجيبة جمعت بينهم .


حملتها أساطير الروح الانسانية . لتنجب وردة الزمان . وقصة حب فوق الاقدار . يغفو على صدر الأمل . ويفيض بالحنان على بؤساء العالم أجمع . كان يراها عبر الأثير . وصوت الريح وتحدي غربة المصير . وهمسة إيحاء تطير على حدود النفير .

قال لها وصرخة الحرمان تمزق كيانه المهاجر :

دعيني أقوم بأخطر عمل

يعبر عن أحلامي

وأخطفك من عالم

لايتسع لأناتي

وحين نهبط كالملائكة

على حين غرة

وننام على شاطئ آمن

نشرب من مائه

ونلتحف بدفء سمائه

تسبقنا موسيقى الناي

وصوت غناء البجع

يصحبنا كالقدر

هاربين من الوجع

وقد تغلغل فينا

حتى كدنا نحفر

في الصخر أمانينا

دعيني أحبك بكل الأبجديات

والخواطر والأهات

وأحلم بمستقبل كالفضاء

وأعشق فيك عزوبة الصفاء

وأراك في كل الأماكن

بسمة الحب وأميرة الأسماء

أنا اليوم متعب العينين

وأحتاج الى آية

توحدك في أملي

وفي حلمي وفي نظري

وتمنحني لذة الرخاء

أحبك وشوقي لا حدود له

كشوق الأرض لرحمة السماء

أحبك يا حبيبة الكون

ولتغار منك كل النساء

نصرنا القادم من الشام.. الرحالة العربي ابن الجبيلي













خطت نحوه وهي تبتسم

وفي يديها بعض البرتقال

تروي حكاية يافا الشوق

ولغزة هاشم ألف سؤال

ثمانية وأربعون والنكسة

يا أهلي كيف الحال .؟؟

والصبية تتقدم كالحلم

إلى حيث النداءات موال

تسمعه الذاكرة قبل الأذن

والمستقبل كوفية ونصال

وعدو يرقص على دمنا

وحلمه في ارادتنا محال

نحن أهل الكرامة وفي

دمنا تخلد ملاحم النضال

والمقاوم يستقبل أميرته

معاهداً بديمومة القتال

**********

قال لها والزمن عنوان

عندما أنظرفي عينيك

أشعر بروحي قد غدت

وردة بيضاء بين يديك

أنت النور الذي يصنع

ابتسامتي

والروح التي تجفف في عيني

دمعتي

فكيف لاأحبك وأنت كل

سعادتي

مشكلتي ياحبيبتي أني

كلما وفيتك بالهوى

تحاصرني رياح الشك

بوحدتي

كأن قلبي ياآية الشهداء

خطيئتي

ستون عاماً وأنا أعالج

نكبة أمتي

والبعض يحرمني من حق

إشهار مديتي

ويسوقون علي أشكال وهم

كملاذ لكل مخنث يعبث

بابنتي

وليشربوا المزيد من دماء أهلي

وجيراني وأبناء عمي وأخوتي

وكل العالم المتحضر إما متفرج

أو ينتظر الفرصة لذبح قضيتي

**********

لجمالك كل العاشقين قد رحلوا

والمتيمين بالأسطورة انتحروا

لن يرحم التاريخ أمة ثكلت

وحكامها في المواجهة تفرقوا

**********

كل الفواحش ترنو لفرقتنا

وتشكل من أشلائنا القمم

وللخذلان ألف وجه قبيح

وفاجر من يعيق نصرتنا

ورغم الخطايا والشتات

لنا أمل في بعض قادتنا

هم أخوة المعتصم معرفة

والنصر آت باتحاد أمتنا

يا شعبنا المظلوم قاوم

والحرية تسمو بموقفنا

نحن للأجيال مدرسة عز

قد بنيناها من شجاعتنا

**********

ياأيها الراكعون على المذلة

حجارة غزة تلعنكم كافرينا

لايستوي الهوى الوطني بمجد

إن لم تحرر المقاومة أراضينا

ستبقى الرجولة جسراً للخلود

والعروبة تلفظ الخنوع والخائنينا

لايمكن أن نصاب بعمى البصيرة

ونجعل الأخوة في دعمنا معادينا

والطريق إلى الكفاح سالك أبداً

ومعنا رجال الأمة الممانعينا

نروي أرضنا رغم آلامنا بعزيمة

أقوى من المؤامرات والمتآمرينا

**********

بالأمس سجلنا أنشودة الوداع

لفلذات أكبادنا ضحية الصراع

أنات حرقة ودماء للعدو تباع

وبعضنا يعتز بحالة الضياع

وصداقتهم للعدو الغاصب دليل

على تلوث فكرهم حتى النخاع

يمنحون النازي فرصة للقتل

كأن الأجرام مقياس الأبداع

**********

من سرق أحلام أطفالنا وهم

نيام

وباع دموعنا وسط أكوام

الركام

وتاجر بأجسادنا أشلاء لحم

وعظام

لايستقيم الشرف العربي وأطفالنا

تئن تحت الجوع وبرد الخيام

**********

هذا دمي المسفوح في بيتي العتيق

والشوارع والمدارس ومآذن القمم

أهديه لمن فقدوا طهارة الذمم

ولبقية ضمير في إنسانية الأمم

تباً للحضارة إن لم تنتفض

للعدل ونصرة أنبل القيم

سنبقى رغم الفواجع أمة حرة

وعلى المتربصين تحمل الألم

والنصر للحق المسلوب قادم

من مصنع التاريخ شآم الهمم

قالها قائد بالحزم في الجولان

وللمحتلين وعد بكوابيس الندم