الثلاثاء، 18 مايو 2010

قصتي مع هديل .. الحلقة الأولى .. بقلم الرحالة العربي ابن الجبيلي


من سلسلة قصص وتجارب على حلقات

الحلقة الأولى


لم أكن أتوقع في مساء ذلك اليوم من بدايات شباط أن يجعلني في مواجهة أجمل وأقسى الأقدار في حياتي . وعندما سمعت صوتها تراءى لي أنني قد سقطت من إحدى ناطحات السحاب وشعرت بالصدمة لهروب قلبي مني ونجاحه في التخلص من سيطرتي عليه والإفلات ساخراً من محاولاتي العقيمة تحديد حركاته وسكناته وآهاته بعدما عشت سنوات طويلة من الألم والعذاب الذي تسببت به زوجتي السابقة . وقصة ضياعها بين رياح الثقافة الأمريكية ونوازعها وغراباتها . وسوف أتحدث ( عن هذا فيما بعد ضمن إطار مذكراتي وقصصي وتجاربي مع الحياة بكل ألوانها ومتاهاتها ) . وكنت قد آليت على نفسي ألا أسمح لقلبي أن ينبض بالحياة مرة أخرى رغم مرور ستة سنوات كانت حافلة بالوحدة والغربة . وأتذكر جيداً محاولات الكثيرين من أصدقائي المخلصين إنهاء عزلتي لنفسي ولطموحاتي وأحلام قلبي العنيدة . أن ينعشوا فيّ الإحساس بالعودة إلى مربع الحب الكوني الذي أختزنه للمرأة في داخلي . فقد كانت جراحاتي أعمق من أن تداويها إمرأة مهما ملكت من قدرات وجمال وإغراء . كنت أجلد قلبي يومياً حتى لايتجرأ على العصيان . إلا أنني شعرت بالهزيمة المريرة مع سماعي لنبرات صوتها الصادق في تلك الليلة . ولبت القلوب الدعوة بسرعة غير مألوفة . وإلتقت العيون وساد صمت خلته دهراً . كانت أفكاري تهرب من تلافيف دماغي وصفحات ذاكرتي . ومشاعري الراقصة فرحاً تتباهى بإنتصاراتها على توجهاتي السابقة . وسؤال يدق رأسي بقوة . كمطرقة جل ماوجدت لأجله تكسير الصلابة التي تعترضها . من أنت أيتها المرأة الساحرة ؟ من علمك طلاسم الحياة لتسقطي قلبي المسكين الذي دربته على كل أنواع الفنون لتحمل صعوبة مختلف المواجهات والظروف . والمناخات والمجاهيل والأحداث المستمرة على رصيف الواقع . كيف تجعلينني مصدر سخرية لغرور كبريائي وعنفواني وسطوتي على قلبي . وبنظرة خاطفة من عينيك . وبسمة أسطورية من شفتيك تنهار كل الحصون في دفاعاتي وعواطفي وأسوار حياتي !. من أنت لتأسري قلبي وتشتتي أفكاري وتعبثين بأنامل روحي . لأول مرة في حياتي أشعر بالخوف من المجهول . وتتراجع ملكات عقلي القادرة على تفسير أحلام النجوم .وأجد نفسي أستمع إلى كلماتها تتغلغل إلى أعماقي دون أن أملك القدرة على الإحاطة بحروفها . وإستسلمت للقدر الآتي . ولإضطراب البصر . وضعف الحيلة في مخاطبة وجه إمرأة بشكل قمر . إحتل عيوني فجأة ولم أعد أرى بعد ذلك أي وجه لإمرأة في العالم . أيها السحر الذي هزمني بوجه هذا الملاك . وأحالني إلى كتلة من براكين العواطف الإنسانية . وأحرق مابقي من أفكار بالية في أعماقي . رفقاً بإنسانيتي . لقد توحدت روحي معها . وإرتفعت حرارة خوفي من فقدانها . أليست المرأة التي صعقت كياني . وسحقت روحي ووجداني . ومابقي من أطياف ذكرياتي . كيف أحمي نفسي التي صهرتها بلا رحمة بين دفقات روحها البريئة الطيبة . لابد أن أدافع عن سماء أحلامي وهواجسي . وإستقلاليتي التي فقدتها . وبدأت أحاول إمتلاكها . لاقسوة بل خوفاً من المجهول . من رياح لاتعرف معنى معاناتي ومرارة أناتي . وجراحاتي وآلامي . وكانت العواصف التي شكلت ذاكرتها الإجتماعية وعذاباتها التي ترسخت منذ طفولتها تشعرني بمزيد من رهبة الخوف عليها لطيبتها الغير متوازنة مع حدة المواقف التي عصفت بحياتها في مختلف مراحلها وسط عوالم غريبة تستغل أنبل المشاعر والمبادىء والأوضاع الإنسانية . وفي ذاكرتي عبر السنين كمٌ ضخم من تلك الصور المأساوية . ولاأرغب أن ينالها شيء من ذلك . كنت أخاف عليها من رموش عيني لو أغلقتها عليها بقوة متسرعة . وكيف أركن لمحيطها وهو يتباهى في أعماقه بضعف وجودها في مكوناته الفاسدة المتناقضة . وقد آلمني أنها قد أصيبت بسهام لاترى فيها إلا الأنثى الخاضعة التي تعطي بلا حدود . وتتحمل تمزيق كبريائها ونزيفه اليومي وهي ترى الخيانة أمام عينيها . وتذوب مشاعرها الجريحة حتى تغييب الوجود . وكنت قد بدأت أستشعر يومها قسوة الأقدار التي دمرت حياتها منذ كانت في الثالثة عشرة من عمرها . وأمني النفس بالقدرة على التوحد مع جهودها لمواجهة آثارها . نظرت إليها محاولاً أن أستعيد بعض وجودي في حضرتها الملائكية . قلت لها : أنا أعرفك منذ عشرين عاماً رغم أننا لم نلتقي يومها . هل تسمحين لي أن أرسمك شعراً لايشبه الكلمات !!! . أجابتني : لاعليك . فقد إعتدت أن أذوب في بحر الكلمات والأفكار رغم أني لم أعرف حلاوتها في حياتي . وأرى أنك ستطير فرحاً بأحلامك وسط الأفلاك . وأنا أحب القمر . وعندما رسمت على شفاهها وهج القمر . خلت نفسي تحلق معها في ربوع الكون كله بنوره وسمائه . وأسراره وعليائه . وشعرت حينها بواجب تقديم الولاء للقمر في وجهها . وللضياء في عيونها . وللألوهية المحفورة في عواطفها . وبدأت أتوسل للقمر أن يمنحها الأمان . ويعزز في أعماقها روعة الإحساس بالسلام . وقد تم حرمانها منه بأمر جرمي من عمها الذي لم يأبه لصرخاتها الصامتة وهي في الطريق نحو ذبح إنسانيتها البريئة تحت حماية القانون . أيها القمر ساعدنا كي نكون جزءاً منك . إمنحنا الفرصة لنهيم بحبك وسمائك . وطهارة لونك ومحيطك . أيها القمر نحن أبناؤك العاشقون لاتغرب عنا فنحن تائهون من دون إطلالتك على قلوبنا . أعطنا الحرية التي تجعلنا موحدين معك . سابحين بصفائك ونورك . مكللين بغارك ... يتبع ........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق